قلعة الطينة ( قلعة الشوربجى )
فيىما بين عامى 1802 – 1803 انسحب الجيش
الإنجليزى من مصر وتركها فى فوضى داخلية. واشتد الصراع بين المماليك والأتراك، ذاك
الصراع الذى حسمه تحالف وحدة من الجيش التركى وهى وحدة مؤلفة من الألبيانيين وبعض
المماليك والتى تم تشكيلها من الباب العالى للدولة العثمانية وجاءت من (قولة )
بقيادة ( على أغا اسماعيل الشوربجى ) وقام ( إسماعيل الشوربجى ) بتعيين ( محمد على
القوللى) مساعدا له فى قيادة هذه الكتيبة التى بلغ عدد أفرادها ثلثمائة عسكرى، إلا
أن اضطرار (على أغا) لمغادرة مصر جعلت محمد على هو قائد هذه الوحدة.
وبعد
أشهر تولى علي أغا الشوربجي إسماعيل حكم حامية الطينة (قلعة الطينة) بمنطقة سهل الطينة في شمال سيناء، وكانت تعرف منطقة
«سهل الطينة» في مصر القديمة باسم «الفرما»، وهى عند الفراعنة من أعظم المدن
المصرية، وقد عرفت باسم «الطينة» في العصر المملوكي.
وهذه القلعة قام بإنشاءها الخليفة العباسى (
المتوكل على الله ) وتولى بناءها عنبسة بن اسحق أمير مصر فى سنه 239 هـ 853 م
عندما بنى حصن دمياط وحصن تنيس.[1]
ثم قام بتجيدها السلطان قنصوه الغورى عام
1508 م وهى عبارة عن تخطيط مثمن تضم العديد من الأبراج الحربية وأبراج الحمام
الزاجل وجامع كبير كان يسمى جامع العرب ( جامع الطينة ) بالاضافة إلى غرف الضباط
والجنود. وبجانب القلعة تم الكشف عن مجموعة ضخمة من خزانات المياه وهي تحفة
معمارية فريدة، تعد أكبر محطة مياه في ذلك العصر بالاضافة للملحقات السكنية.[2]
وقد جددها السلطان سليمان القانونى عام
1560م وتقع تحديداً عند الكيلو 32 بطريق بالوظة بور فؤاد شمال غربي قلعة «الفرما»
بسهل الطينة فى نهاية مصب فرع النيل الثالث (الفرع البليوسى)
في شمال سيناء.
وتحت عنوان (الأثريون يطالبون بفتح ملف
التعويضات المستحقة علي إسرائيل
لتدميرها المعالم التاريخية بسيناء ) قال الأثري / عبدالرحيم ريحان - مدير آثار منطقة دهب: إنه تمت إعادة الروح إلي عدد كبير من المواقع الأثرية العربية والإسلامية التي حاولت إسرائيل طمس هويتها, في محاولة منها لإقحام الهوية اليهودية علي المنطقة دون سند علمي أو تاريخي, منها جامع حصن الطينة بقلعة الطينة.[3]
لتدميرها المعالم التاريخية بسيناء ) قال الأثري / عبدالرحيم ريحان - مدير آثار منطقة دهب: إنه تمت إعادة الروح إلي عدد كبير من المواقع الأثرية العربية والإسلامية التي حاولت إسرائيل طمس هويتها, في محاولة منها لإقحام الهوية اليهودية علي المنطقة دون سند علمي أو تاريخي, منها جامع حصن الطينة بقلعة الطينة.[3]
وفى تحقيق نشره موقع جريدة اليوم السابع أوضح
الدكتور سامى عبد المالك البياضى الباحث المتخصص فى قلاع سيناء، والذى أعد أبحاثا
متخصصة عن هذا الأثر أنقله هنا بالكامل وذلك لأهميته قال فيه .
أنه مع البداية الفعلية لرسوخ جذور
دولة المماليك بالقضاء على الخطر الخارجى ممثلاً فى التتار بموقعة عين جالوت، وبعض
بقايا فلول الفرنجة بساحل بلاد الشام فى عهد قطز وخلفه بَيْبَرْسْ
البُنْدُقْدَاريى ومن بعدهم الأشرف خليل بن قلاوون، ومن هنا بدأت استراتجية جديدة
للدفاع عن صحراء سَيْنَاء وتحصينها خلال دولة المماليك بشطريها البحرى والجركسى
تتناسب مع ما أدت إليه نتائج طرد الفرنج من بلاد الشام، حيث عادت وظيفة صحراء
سَيْنَاء كاملة غير منقوصة كأقليم للمواصلات والاتصالات بطُرُقها العديدة بين
مِصْر وبلاد الشام والحَرَمين الشريفين، فانصبت استراتجيتهم وتركزت فى تحصين
الثغور الساحلية، حيث الموانئ البحرية ومراكز طُرُق التجارة العابرة البَرّية
والبحرية التى أُعدت لخدمة التُجار والمسافرين بالقسم الشمالى من صحراء سَيْنَاء
وثغورها البَرّية والبحرية، وهو بمثابة محور الأمن والدفاع ضد الأخطار الخارجية
بشكل رئيس مع القيام بدور مكمل فى حفظ الأمن الداخلى، وتم تنفيذ هذه الاستراتيجية
عن طريق تشييد سلسلة من الخَانات بعضها محصنة على طراز قلاع هذا العصر وبعضها
منشآت تُجارية صرفة، كما تم بالإضافة للخَانات المحصنة تشييد أبراج دفاعية مُفردة
التخطيط والمواقع، وقلاع منتظمة التخطيط المعمارى.
ومن أهم المنشآت المحصنة التى شيدها
المماليك فى صحراء سَيْنَاء لأجل تنفيذ استراتجيتهم الدفاعية: الخَان المحصن
بالعَرِيْش، وبُرْجان للسلطان بَرْسْبَاى فى أشتوم أم مِفْرج وبالطِيْنَة فى أقصى
طرف الدلتا المِصْرية من الناحية الشمالية الشرقية، ثم أخيراً قَلْعة الطِيْنَة
التى تمثل نضوج الفكر المعمارى التحصينى فى أواخر العصر المملوكى بمخططها الفريد
والنادر الذى يتناسب مع تطُّور وسائل الدفاع والهجوم آنذاك.
تاريخ تشييد
الأثر
يضيف الدكتور سامى عبد المالك، ان هذا
البرج شيد بأمر من السلطان بَرْسْبَاى فى سنة 828هـ/1425م لحماية ثغر الطِيْنَة من
عبث الفرنجة، الذين كانوا يقومون بخطَّف الناسَ والتُجار المسافرين أثناء
مُرُورِهم فى طريقهم من مِصْر إلى بلاد الشام عبر العَرِيْش، وذكر عمارتهما ابن
شاهين الظاهرى ( ت 873هـ/1469م ) حيث قال: "قَطْيَا... لها مِينا، وهى
الطِيْنَة على شط بحر المحيط، وعَمّر هناك الملك الأشرف تغمده الله برحمته
بُرْجين، يَصبّ من هناك فرقة من بحر النيل تُعرف ببنى مُنْجَهّ".
وأشار سامى عبد المالك إلى ما ذكره
المقريزى ( ت 845هـ/1441م ) باعتباره أقرب المؤرخين لعصر الانتهاء من عمارة أحد
البُرْجين الذى أمر ببنائهما بَرْسْبَاى بالقرب من الطِيْنَة فى شهر ربيع الآخر
سنة 828هـ/ يناير - فبراير عام 1425م، وقدم لنا وصفاً موجزاْ ومختصراً لكنه مفيد
جداً، حيث حدد موقع هذا البُرْج، ووصف تخطيطه المعمارى ومقاساته، وعَدَد وعِدّة
الحامية المكلفة بالمرابطة فيه، والخفراء بالمنطقة، والسبب الرئيس وراء عمرانه فى
هذا الموضع، والأمير الذى أشرف على عمارته، ومصدر مادة البناء الرئيسة الآجر
والمونة الرابطة المستخدمة وطريقة تحضيرها من أحجار خرائب حصن الفَرَمَا العباسى،
فقال "كُملت عمارة بُرْج حربى بالقُرْب من الطِيْنَة على بَحْرِ المِلْح،
فجاء مُرَبَّع الشكل مِساحة كل ربع منه ثلاثون ذراعاً، وشُحِن بالأسلحة، وأُقيم
فيه خمسة وعشرون مقاتلاً، فيهم عشرة فرسان، وأُنْزِل حوله جماعةٌ من عَرَبِ
الطِيْنَة، فانتفع الناس به، وذلك أن الفرنجة كانت تُقْبِل فى مراكبها نهاراً إلى
بَرَّ الطِيْنَة، وتتخطَّف الناسَ من هناك فى مُرُورِهم من قَطْيَا إلى جهة
العَرِيْش، وتوَلّى عمارة هذا البُرْج الأمير زَّيْن الدين عبدالقادر ابن الأمير
فخر الدين عبدالغنى بن أبى الفرَج، وأخذ الآجُر والحَجَر الذى بناه به من خراب
مَدِيِنَة الفَرَمَا، وأحرق الجيرَ مما أخذه من الفَرَمَا".
عبث الفرنجة
وتابع
الدكتور سامى عبد المالك البياضى فى وصفة لهذا الاثر، قائلا "منذ أن تم تشييد
بُرْجا بَرْسْبَاى بالطِيْنَة ولمدة سبع وعشرون سنة، وهما يُؤديان وظيفتهما فى حفظ
ثغر ومِيناء الطِيْنَة وضواحيها من عبث الفرنج، ثم تعرض البُرْج الذى بالطِيْنَة
نفسها للتخريب حيث هدم الفرنجة قسم كبير منه فى 13 جماد الآخرة سنة 855هـ/ 25
يوليو عام 1451م، وهى الحادثة التى أوردها البقاعى
( ت 885هـ/1480م ) المعاصر إذ قال:
وصل الخبرُ أنّ الفرنج طُرْقوا بُرْج الطِيْنَة الذى بين قَطْيَا ودِمْيَاط، وكان
فيه نحو خمسة عشر رجلاً، فنزلوا إلى البَرّ، ونصبوا عليه المكاحل، فحاصروه حتى عجز
من فيه، فقُتل منهم أربعة أنفس وهرب الباقون، فَهَدَموا بعضَ البُرْج، وأخذوا ما
به من السلاح والأمتعة"، مضيفا "ولا شك أن تدمير هذا البُرْج ترتب عليه أن
أصبح هذا الثغر الهام خالياً من أعمال الحراسة الدائمة بالمنطقة للدفاع
عنها".
البرج الثانى
أما البُرْج الثانى فكان لا يزال
باق يقوم بحماية أشتوم النيل الواقع بالطِيْنَة، فذكره ابن العطار ( ت 880هـ/1476م
) فى حدود سنة 866هـ/1461-1462م عند تحريره لطريق البريد بين القاهرة وبيت المقدس
حيث قال: "الطِيْنَة.. بها بُرْج يحرسون منه لمن يدخل من الفرنج".
ويُمكن القول بأن السلطان الأشرف بَرْسْبَاى شيد فى الطِيْنَة بُرْجين، أحدهما
خُرب بعد تشيده بسبع وعشرين سنة، وشُيدت بموضعه قَلْعة فى عهد قَانِصَوْهْ الغَورى
أصبحت تُعرف باسم قلعة الطِيْنَة، وآخر كان ولا يزال باقياً وهو المعروف الآن
مجازاً بقَلْعة أم مِفْرج.
وكشف الدكتور سامى عبد المالك البياضى، أنه
من خلال أعمال المسوحات الآثارية التى قام بها فى منطقة الطِيْنَة تم تحديد بُرْج
من بُرْجى بَرْسْبَاى، وهو يُعرف الآن باسم أم مفرج، وهى كالآتى: أم مفرج
"بُرْج بَرْسْبَاى الأول": تقع فى الركن الشمالى الغربى من سَيْنَاء وسط
بحيرة تُعرف ببحيرة القَلْعة نسبة إليها أو بحيرة البلاح، وتقع القَلْعة إلى الشرق
من فتحة التقاء قناة السويس بالبحر الأبيض المتوسط بمسافة 19 كم، وشمال غرب حصن
الفرما بمسافة 12,75كم، وشمال غرب قَلْعة الطِيْنَة بمسافة 10,00كم، وجنوب غرب
أشتوم البحيرة الحالى بمسافة 3,700كم، وتشغل القَلْعة جزيرة صغيرة دائرية ترتفع
قليلاً عن سطح مياه البحيرة قُطرها 24,00م.
بُرْج لا قَلْعة
وبرج أم مِفْرج من الناحية المعمارية يطابق
تصنيفها المعمارى مع ما ورد فى النصوص التاريخية، فهى بُرْج لا قَلْعة، لكن تم
توقيعه على الخرائط الحديثة باسم: "قَلْعة أم مِفْرج" نتج عنه أن أصبح
يُعرف شهرةً بهذا الاسم، وإن كان لا يطابق الواقع المعمارى، كما أن التخطيط العام
للبُرْج لا يُطابق الوصف الوارد فى النصوص التاريخية، وأعتقد أن الوصف السالف
الذكر نُفذ فى الطِيْنَة نفسها، وهو البُرْج الذى تم تخريبه من قبل الفرنج، وحلت
محله قَلْعة الطِيْنَة.
أما بُرْج القَلْعة فمخططه مستطيل يمتد من
الشمال إلى الجنوب مقاساته 12,20 × 8,55م، وشُطفت أركانه بطول 1,20م، وينقسم من
الداخل إلى قسمين رئيسين، لكن لمعرفة تخطيطه يقيناً لابد من حفائر آثارية، وبُنى
البُرْج من الآِجُر كمادة بناء رئيسة، وبعض الحجر الجيرى المجلوب من خراب حصن
الفَرَمَا، أما المونة فكانت من الحجر الجيرى المجلوب من حصن الفَرَمَا أيضاً، وتم
طحنه وحرقه فى جباسات، إذ ورد فى النصوص التاريخية مصدر مواد البناء عند كلٍ من
المقريزى وابن تغرى بردى فقالا:" أخذ الآجُر والحَجَر الذى بناه به من خراب
مَدِيِنَة الفَرَمَا، وأحرق الجيرَ مما أخذه من الفَرَمَا".[4]
وفى
وصف للدكتور / زاهي حواس - الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار – عن قلعة الطينة يقول
: «إن القلعة تقع على مساحة 300 متر مربع، بالإضافة إلى تمتعها بحرم خارجي مساحته
ألف متر مربع، وتمثل القلعة أهمية عسكرية وتاريخية للمدينة المقامة فيها باعتبارها
من الحدود الشرقية لمصر، وكان ينظر الملوك والسلاطين والخلفاء أنه واجب عليهم
حمايتها بإقامة مثل هذه القلاع والحصون منذ الفراعنة، كما كانت هذه رؤية المصريون
القدماء إلى مدن القناة - الواقع فيها القلعة - على أنها من أكثر الحدود التي
ينبغي أن تكون آمنة لمصر، ولذلك كان يتم فيها تشييد القلاع والحصون بهدف إحداث
الاستحكامات الحربية التي ارتبطت مواقع إقامتها بمحاذاة الطرق التاريخية.[5]
ونظرا
لهذه الأهمية الكبيرة لقلعة الطينة فقد بدأ الشوربجى في ترميمها وأقام بها أحد
الحصون الحربية لصد هجمات الفرنجة وشيد القلعة بالطوب اللبن وسميت (قلعة الشوربجى)
نسبة إلي مجددها (علي أغا الطنطاوي الشوربجى) حيث ذكرت هذه القلعة علي الخرائط وفى
موسوعة وصف مصر التي ألفها علماء الحملة الفرنسية ([6])
باسم (قلع الطينة) وقد ذكرت بالأطلس الجغرافي وبالفرنسية باسم Chateau
de Tineh ruine فى اللوحة رقم 34 تحت المربع رقم 21.0موقع المكان d كما ذكرت بإسم (فم الطينة) وبالفرنسية (Bouche de Tineh )
كما أنه يشار إليها كموقع حربي بقلعة الشوربجى والتي تقع أمام البحر
المتوسط شمال غرب بالوظة.
وقد هدمت (قلعة الطينة) في 10 فبراير سنة
1799م عندما أمر (نابليون) الجنرال (كليبر) والجنرال (رينير) أن يسيروا بالجيش
إلى العريش، وأرسل معهم المثقلات وأدوات الحصار سراً في البحر، أما بقية الجند ققد
ساروا وهجموا على قلعة الطينة وهدموها أثناء حملة (نابليون) على الشام،
وأود
هنا ان أتقدم بالشكر لفريق العمل الذى قام بمحاولة الحفاظ على بقايا هذه القلعة من
الإندثار بمجهودات تعتبر شبه فردية بادارة ترميم الاثار الاسلاميه بشمال سيناء
والقناه تحت رئاسة الاستاذ / جمال عبد العزيز مع تفتيش الاثار الاسلاميه بالقنطره
شرق تحت رئاسة الاستاذ / محمد عبد الحافظ والادارة الهندسية للاثار الاسلاميه
بسيناء تحت رئاسة المهندس / سعد - وبانضمام ادارة الشدات المعدنيه برجالها
المحترمين تحت رئاسة الاستاذ / على قطب حيث قاموا بصلب بقايا قلعة الطينه .
والصور
التالية توضح بعض الجوانب من هذا العمل الرائع[7]
ويذكر نعوم بك شقير فى كتابه [8]عن
(قلعة الطينة) فيقول ( أما قلعة الطينة فقائمة على فم الفرع البليوسى على ساعتين
غربى المحمدية وأقل من ساعتين شمالى تل الفضة وبينها وبين تل الفضة خرائب الفرما
الآتى ذكرها . وهى من بناء الأجيال الوسطى وقد بقيت عامرة تخفرها العساكر إلى عهد
قريب. وقد عثرت على كتاب مع بعض أهل العريش مؤرخ 12 الحجة سنة 1140ه 20 يوليو سنة
1728 م يستدل منه أن الطينة كانت فى ذلك التاريخ عامرة بالعساكر ويستدل مما كتبه
المستر وتمن الذى رافق الجيش العثمانى لإخراج الفرنساويين من مصر فى أوائل القرن
الغابر أن قلعة الطينة كانت لا تزال عامرة وفيها حامية . والذى يعلمه أهل العريش أن
حاميتى قطية والطينة نقلتا من عهد غير بعيد إلى قلعة العريش ثم الغيت قلعة العريش
حوالى سينة 1840 م كما مر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق